وادي درعة
وادي درعة هو أطول نهر بالمغرب، يعبر جهة آسا ـ الزاك، حيث يرسم مناظر طبيعية خلابة، وهو منبع حيوي للمجتمعات المحلية. ينبع نهر وادي درعة من جبال الأطلس الكبير، ويمتد على طول 1100 كلم، حيث يصب في المحيط الأطلسي، رغم أن صبيبه غير منتظم بسبب الظروف المناخية الجافة الطاغية على المنطقة.
إن وادي نهر درعة جنةٌ حقيقية تؤوي تنوعا بيولوجيا هائلا وسط الصحراء القاحلة. وعلا ضفافه تنتشر واحات النخيل الغناء والبساتين الخضراء، في تباين صارخ مع المناظر القاحلة المحيطة. إن هذه الواحات حيوية ليس للزراعة المحلية فحسبُ، بل هي فضاء عيش وحيش متنوع، من طيور مهاجرة، وغزلان، وغيرها من الأنواع الحيوانية الصحراوية.
يكتسي وادي درعة أهمية تاريخية وثقافية عظيمة. فقد كان على مر التاريخ طريقا تجارية رئيسية تربط المغرب بالمناطق جنوب الصحراء. وكان القوافل التي تنقل السلع مثل الذهب والملح والتوابل تعبر المنطقة، وتتخذ من الواحات الممتدة على طول الوادي مراكز للمبادلات واللقاءات. واليوم، لا تزال آثار هذه الطرق باديةً، ولا تزال القرى الواقعة على طول وادي درعة تحيي هذا التقليد التجاري والتبادل الثقافي.
يحد الزائر بوادي درعة عددا كبيرا من الأنشطة. فمسارات الجولات الطبيعية على الأقدام على طول الوادي تقوده لاستكشاف مناظر شتى، من واحات النخيل الظليلة إلى التضاريس الصخرية المهيبة. والرحلات على متن السيارات الرباعية أو ظهور الجمال تكشف جانبا فريدا من جغرافيا المنطقة وبيئتها. وأما هواة التصوير فلن يعدموا الفرص الذهبية لالتقاط جمال الطبيعة العذراء والتباين الصارخ بالوادي بين الخضرة والصحراء.
ووادي درعة هو أيضا ملتقى الثقافات، حيث تشتهر القرى البربرية والصحراوية على ضفافه بكرمها وحفاوة استقبالها. وبالأسواق المحلية، هناك المهرجانات والمواسم التقليدية التي تعد مناسبات للاطلاع على ثقافة السكان الغنية وحفاوتهم. ويمكن للزوار كذلك أن يشهدوا الرقصات الشعبية، ويتذوقوا الأطباق المحلية ويتعلموا بعضاً من الأعمال الفلاحية والحرف التقليدية المتوارثة جيلا عن جيلا.
إن وادي درعة هو في النهاية ليس مجرد مجرى ماء، إنه الشريان الذي يغذي الأرض والمجتمعات بجهة آسا ـ الزاك. ولا شك أنه بفضل مناظره الطبيعية التي تحبس الأنفاس، وتاريخه الحافل، وثقافته الحية، وجهة لا محيد عنها بالنسبة للمسافرين الباحثين عن الأصالة والمغامرة بقلب الصحراء المغربية.