الرحلات الآثارية
إن الرحلات الآثارية (الأركيولوجية) بآسا ـ الزاك، هي بمثابة الغوص عميقا في تاريخ هذه المنطقة الصحراوية القديم وثقافتها. فالمواقع الأثرية الغنية بالنقوش الصخرية والأطلال التاريخية، تأخذ الزائر في رحلة تقفي الآثار التي خلفتها الحضارات العريقة، وفهم التطور الثقافي والاجتماعي الذي عاشته الصحراء المغربية.
ومن بين أبرز المواقع الأركيولوجية بالمنطقة، هناك آزرو كلان، المعروف كذلك ب”الحجر الموشوم”؛ يقع بين كلميم ووادي درعة، ويشتهر بصخوره المسطحة التي تكسوها آلاف النقوش الصخرية التي تعود إلى الحقبة ما قبل التاريخ حتى تاريخنا المعاصر. وتمثل هذه اللوحات الفنية المنقوشة على الصخر حيوانات، ومشاهد قنص، ورموزا غامضة، شاهدةً على ثراء ثقافة الحضارات الصحراوية القديمة. عند زيارة هذه المواقع الأثرية يكتشف السياح أسرارا دفينة نُقِشت بعناية على الصخر.
إن النقوش الصخرية بواحة آسا تختلف عن غيرها، فقد اكتشفت لأول مرة عام 1951 على يد أوديت بيوغودو وماريون سنونيس، وهي تعطي لمحة فريدة عن حياة ومعتقدات سكان المنطقة في الحقبة قبل التاريخ. وهنا، يسلك الزوار المسالك المجهزة بين ربوع الواحة ليكتشفوا هذه النقوش ويتعرفوا أكثر على المعاني التي تنطوي عليها وعلى سياقها التاريخي.
قصر آسا هو قرية محصنة شُيدت في القرن الثالث عشر، وهي موقع أثري آخر لا محيد عنه. فالقصر الذي بُني من الحجر والطين المدكوك، يؤوي منازل عتيقة، ومساجد وأضرحة. وهنا يتجول الزائر بين أزقة القصر ليطلع على الهندسية التقليدية الصحراوية ويتأمل النقوش الصخرية المتناثرة بين أرجائه. إن قصر آسا شاهد حي على تاريخ المنطقة وثقافتها، ويشهد على تطور البنيات الاجتماعية والدينية، عبر القرون، من وجهة نظر فريدة.
تشتمل الزيارات الأثرية المنظمة إلى آسا ـ الزاك، كذلك، على مواقع أقل شهرة، مثل النقوش الصخرية بإخف إيغير، وأطلال محطة الأبحاث الصحراوية جان ـ برتراند بانوت الواقعة بعوينة لهنا. إنها مواقع تدعو هواة الآثار القديمة إلى الاستكشاف والمغامرة. هنا يشاهد الزائر التكتلات الصخرية الفريدة، والنقوش القديمة والأطلال التاريخية، ويطلع أكثر على الأبحاث والاكتشافات الأثرية بالمنطقة.
وفضلا عن الزيارات المنظمة، يمكن للزائر أن يشارك في ورشات وبرامج تربوية في مواضيع الآثار التاريخية بالمنطقة وتاريخها. إنها مبادرات تشرف عليها مراكز الأبحاث المحلية مما يساعد الزائر على الغوص في التراث الأثري بآسا ـ الزاك وتعلم حمايته والحفاظ عليه.
إن هذه الزيارات المنظمة إلى المناطق الأثرية بآسا ـ الزاك تأخذ الزائر في رحلة غنية وتغوص به في تاريخ الحضارات الصحراوية القديمة، وتمكنه من فيه التطور الثقافي والاجتماعي بالمنطقة. إنها دعوة إلى الغوص في التاريخ، وتأمل الأعمال الفنية التي تعود إلى ما قبل التاريخ والمشاركة في الحفاظ على التراث الأثري الغني الذي تزخر به آسا ـ الزاك.