قصر آسا
إن قصر آسا كنز تاريخي حقيقي يختبئ في أعلى قمة مطلة على واحة آسا. وقد أسسه سيدي إعزّى وِهدى في القرن الثالث عشر، وهو آية معمارية تجسد الإرث المعماري الصحراوي التقليدي، بأسواره العظيمة وأبراجه الراسخة وأزقته الضيقة. وقد بُني القصر من الحجارة والطين المدكوك مما يعبر عن عبقرية السكان وتكيفهم مع الظروف المناخية الجافة بالصحراء.
وقد لعب قصر آسا دورا حيويا في تاريخ المنطقة بصفته مركزا تجاريا وثقافيا، فقد كان محطة للقوافل التي كانت تعبر الصحراء مُحمَّلةً بالسلع والبضائع بين المغرب وبلدان جنوب الصحراء، وهو اليوم يقف شاهدا حيا على تاريخ المنطقة وثقافتها، ويجذب إليه الزوار المتحمسين لاكتشاف تراثه الغني.
خضع القصر منذ أكثر من عقد من الزمان لأشغال ترميم وفقا لمعايير معمارية مُعيَّنة، باستعمال مواد محلية، ولا شك أن هذه الجهود ترمي إلى الحفاظ على أصالة الموقع التاريخية مع إتاحة زيارته للسياح، ففي سنة 2006 أطلقت وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية برنامج ترميم يهدف إلى إعادة إحياء هذه المعلمة التاريخية الهامة، مما يشهد على أهميته الثقافية والمعمارية.
المشهد من أعلى القصر، المطل على المدينة والواحة، يحبس الأنفاس، ويمكن للزوار التجول مشياً بين دروب القصر واكتشاف البيوت العتيقة، والجوامع وأضرحة الأولياء الصالحين، والنقوش الصخرية المتفرقة عبر أرجاء القصر لا تقل جاذبية، فهي مرآة لفن المنطقة وثقافتها في الحقبة ما قبل التاريخ.
أثناء التجول في القصر، يكتشف السياح كذلك زاوية آسا الواقعة في حرمه، ولا تزال الزاوية التي تأسست في القرن الثالث عشر معلمةً يحج إليها الأوفياء والزوار من العالم بأسره، وفي كل سنة يحيي موسم زاوية آسا ذكرى المولد النبوي الذي تُنظم فيه الأنشطة الدينية والثقافية والتجارية.
إن قصر آسا ليس مجرد موقع تاريخي، بل هو رمز لصمود المنطقة وثرائها الثقافي، فهو يتيح للزوار فرصة فريدة للغوص في التاريخ والثقافة المحلية، واكتشاف مناظر خلابة باهرة، والتعرف على سكان سمتهم الحفاوة وحسن الضيافة.
